تأثير قرار رفع الفائدة
تعتبر أسعار الفائدة من أهم البيانات الاقتصادية التي يعتمد عليها المتداولون في التحليل الأساسي لأسواق المال لتوقع اتجاه أسعار الأصول المالية.
وبشكل بسيط، فإن أسعار الفائدة تعتبر هي سعر الاقتراض الذي يدفعه المقترض للمقرض، وبالنسبة للبنوك المركزية، فإن سعر الفائدة الذي يتم إعلانه هو أقل سعر مسموح به للإقراض والاقتراض بين البنوك بعضها البعض وبين البنوك والمستثمرين أو الأفراد العاديين.
نبذة عن التحليل الأساسي والسياسة النقدية والفائدة
التحليل الأساسي
يعتمد التحليل الأساسي على دراسة العوامل الاقتصادية التي تؤثر على الأصل المالي، وذلك على مرحلتين؛ حيث يقوم المحلل بتحليل العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على الأصل الذي يقوم بتحليله أولا ثم يحلل العوامل الخارجة عن هذا السوق وتأثيرها عليه.
فإذا كان يريد تحليل أداء الدولار الأمريكي مثلا، فإنه يقوم بتحليل أداء الاقتصاد الأمريكي في حد ذاته وتحليل المؤشرات الاقتصادية الأمريكية حتى تظهر له صورة واضحة عن أداء الاقتصاد، ثم يقوم بتحليل العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية خارج السوق الأمريكي وما مدى تأثيرها على السوق.
أدوات السياسة النقدية
تعتبر أدوات السياسة النقدية هي الأدوات التي يقوم البنك المركزي بإدارة مستويات السيولة (المعروض النقدي) في السوق من خلالها، حيث يقوم البنك المركزي باستخدام أسعار الفائدة أو نسبة الاحتياطي الإلزامي أو عمليات السوق المفتوح (بيع وشراء السندات وأذون الخزانة).
فعندما يريد البنك المركزي خفض معدلات التضخم من خلال أسعار الفائدة فإنه يقوم بأحد هذه القرارات:
– رفع أسعار الفائدة للإقراض بينه وبين البنوك وبين البنوك وبعضها البعض مما يسبب ارتفاع في أسعار الفائدة لدى كافة البنوك في الجهاز المصرفي للدولة.
– زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنك، مما يجعل السيولة الممكن استخدامها للإقراض قليلة وبالتالي تقل قدرة البنك على الإقراض.
– القيام بعمليات السوق المفتوح من خلال بيع السندات وأذون الخزانة وبالتالي سحب سيولة نقدية من السوق.
أسعار الفائدة
سعر الفائدة هو أحد أهم أدوات السياسة النقدية التي يستخدمها البنك المركزي للتحكم في المعروض النقدي (السيولة النقدية) وذلك من أجل التحكم والسيطرة على معدلات التضخم.
فبعد فترة من النمو السريع للاقتصاد، يحدث ارتفاع في معدلات التوظيف وترتفع الأسعار ودخول الأفراد ومن ثم يرتفع الإنفاق بشقيه الاستهلاكي والاستثماري، حتى ترتفع الأسعار بوتيرة متسارعة، وتتخوف البنوك المركزية من العجز عن السيطرة على وتيرة ارتفاع الأسعار ومن ثم تقوم برفع أسعار الفائدة لتقليص المعروض النقدي وخفض التضخم.
أثر تغير أسعار الفائدة وكيف نتوقعها؟
كيف تؤثر أسعار الفائدة على أسعار الأصول في الأسواق؟
هناك سلسة من التأثيرات التي تحدث بسبب تحريك أسعار الفائدة سواء في اتجاه الزيادة أو الانخفاض، ولنأخذ الآن جانب الزيادة وأثره على مختلف الأصول:
- العملات (الفوركس)
عندما يقوم البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة، فإن عائد إيداع الأموال في البنك بعملة تلك الدولة يرتفع فيقوم المستثمرين الأجانب بشراء تلك العملة وإيداعها في البنك، وهو ما يسبب ارتفاع في الطلب على العملة مقابل العملات الأخرى.
فمثلا إذا قام الفيدرالي الأمريكي بزيادة سعر الفائدة، فإن مؤشر الدولار الأمريكي DXY سيسجل ارتفاعا.
- الأسهم
عندما يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة فإن الأسهم تتأثر بشكل سلبي من جانبين:
– الجانب الأول هو أن النشاط الاقتصادي ينخفض بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض، مما يُضعف أداء الشركات بشكل عام فتنخفض أسعار الأسهم.
– والجانب الثاني هو أنه يصبح بإمكان المستثمر أن يودع أمواله في البنك ويحصل على عائد جيد بدون الحاجة لشراء الأسهم وتحمل مخاطرها، فينخفض الطلب على الأسهم وتقل أسعارها.
- السلع
دائما يكون أثر رفع أسعار الفائدة سلبي على سوق السلع ويسبب انخفاض في أسعارها، حيث يضعف النشاط الاقتصادي ويقل الطلب على السلع التي تدخل في الصناعة مثل (النفط والغاز والبلاتين وغيرها) أما السلع الثمينة مثل (الذهب والنفط) فيقل الطلب عليها أيضا بسبب أن عائد البنك يكون أكثر جذبا من العائد المتوقع من شراء تلك السلع.
مثال
عندما قام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة منذ بداية مارس 2022 بسبب ارتفاع معدلات التضخم، ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بشكل قوي وتراجعت أسعار السلع والأسهم.
ويمكنك التعرف أكثر على أثر أسعار الفائدة على الأصول المالية من خلال الانضمام إلى أكاديمية المتداولين. قم بالانضمام الآن.
كيف نتوقع رفع أسعار الفائدة؟
كما ذكرنا فإن البنك المركزي يقوم باستخدام أسعار الفائدة من أجل التحكم في التضخم، ولكن التضخم ليس له مؤشر معين، أي لن تجد مؤشر واحد يعبر عن التضخم بشكل كامل، فالتضخم ما هو إلا ظاهرة تقاس بمجموعة من المؤشرات، وإن كان في العادة يطلق التضخم على مؤشر أسعار المستهلكين بشكل مَجازي.
وبالنسبة للفيدرالي الأمريكي مثلا، فإن صانعو السياسة النقدية يركزون بشكل كبير على مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر مبيعات التجزئة بهدف تتبع التضخم وتوقع اتجاهاته.
ومن أجل متابعة التضخم يقوم المتداولون بتحليل أداء مجموعة مؤشرات وأهم تلك المؤشرات؛ مؤشر أسعار المستهلكين CPI ومؤشر الإنفاق الاستهلاكي PCE ومؤشرات التوظيف Unemployment مؤشرات قطاع الإسكان Housing Permits & Housing Starts ، وكلما كانت قراءة المؤشر إيجابية (النتيجة الفعلية أعلى من المتوقع) كلما كان ذلك مؤشرا على تسارع التضخم ومن ثم نتوقع سياسة تشديديه (رفع معدلات الفائدة).
وللتدرب على توقع قرار الفائدة باحترافية، قم بالانضمام الآن إلى أكاديمية المتداولين.
متابعة البيانات الاقتصادية والخطابات لصانعي السياسة النقدية
من المهم جدا متابعة البيانات الاقتصادية لصانعي السياسية النقدية سواء كانت تلك التي تصدر بشكل فردي من أعضاء لجنة السياسية النقدية أو البيانات التي تخرج بشكل رسمي من البنك المركزي مثل “بيان السياسية النقدية” حيث تحتوي بين ثناياها على نظرة البنك المركزي للتطورات الاقتصادية ومن ثم توقع قراره المقبل بشأن الفائدة.
كيف يمكنك تداول أسعار الفائدة
إذا كنت تقوم بالتداول في سوق الفوركس، عليك أن تشتري العملة التي تتوقع أن ترتفع الفائدة عليها. فمثلا إذا توقعت أن ترتفع أسعار الفائدة على “اليورو” فإنه عليك أن تقوم بشراء زوج اليورو دولار، أما إذا كنت تتوقع انخفاض أسعار الفائدة على اليورو فعليك أن تقوم ببيع زوج اليورو دولار.
أما إذا كنت من متداولي الأسهم فيمكنك القيام ببيع أسهم النمو (مثل أسهم التكنولوجيا) واستبدالها بأسهم القطاع البنكي والتي عادة ما تستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة لأن البنوك تحقق مكاسب من الفائدة المرتفعة.
وبالنسبة لسوق السلع، فإن المتداولين يركزون أثناء فترة توقع انخفاض الفائدة على الدخول في صفقات بيع لحيازاتهم من السلع.
الخلاصة
كما وضحنا، فإن أسعار الفائدة هم من أهم البيانات الاقتصادية التي يجب على المتداول متابعتها باستمرار، وارتفاعها يكون له تأثير إيجابي على سوق الفوركس أما بالنسبة لسوق الأسهم والسلع فيكون تأثيرها سلبي.
قم بالانضمام الآن إلى أكاديمية المتداولين وتعلم كيفية تداول أسعار الفائدة من خلال خبراء التداول لدى الأكاديمية.